( إستراحة الجمعة ) عناية مكثفة ..

التكنولوجيا ظريفة حقا ...
فيسبوك .. تويتر .. نمبز.. واتساب كلها أشياء جميلة تلعب على وتر إن الإنسان كائن إجتماعي يحب معرفة أخبار الآخرين وهي جملة رقيقة معناها بوضوح إن الإنسان كائن ( شمشار) بطبيعته... كل ما يلزم لكي تتواصل مع حبيبك أكثر ، وتشك فيه أيضا !!! 
خطيبتي سوسن لا علاقة لها بكل هذه الأشياء .. ليس لديها حساب في الفيس وقطعا لم تسمع بكلة تويتر من قبل وغالبا ستعتبر كلمة ( واتساب ) شتيمة .. تقريبا ليس لديها هواية معينة .. لم أسمعها تقول إنها معجبة بأغاني فنان معين وإذا سألتها تقول ليك بصورة مبهمة :
- يعني .. مرات بحب أسمع لوردي ومحمود ومصطفى 
ومن في السودان لا يستمع إليهم يا سوسنتي ؟ .. ليست من هواة القراءة لو خطر هذا على بالكم بل صدقوا أو لا تصدقوا ليس لديها أي إهتمام ب( ملكة جانسي ) و( ماري تشوي) والأخوة الأتراك الكرام ... بإختصار هي خلقت لتقف خلف رجل عظيم ولا تظهر في الصورة أبدا .. هذا الرجل العظيم بلا فخر هو .. أحم .. أنا .. هوايتها الوحيدة هي (أحمد) .. عمل أحمد ، كلام أحمد ، نكات أحمد .. حياتها كلها تدور حول أحمد وهذا يا سادة أحيانا يخنقني ويجعلني أتمنى أن نسرع لنتزوج وننجب لتجد طفل آخر تهتم به غيري .. تقول لي ونحن في الكافتريا :
- الصداع بتاعك راح ؟
- صداع شنو ؟
- مش أمس كان عندك صداع ؟
- والصداع حيقعد معاي من أمس ليه ؟ عندي سرطان مخ؟
فتشهق مرعوبة وتردد سلامتك من الألخ الخ الخ ، فأقول لها بصبر :
- طيب خلصي أكل لأنو أنا كملت قبيل وإنتي نص عيشة ما قادرة تكمليها ؟
- الناس المتحضرة بتاكل براحة
- أنا أصلا ما قاعد آكل كتير لكن بصراحة معاك قاعد أحس إني حوت أزرق
- لازم تاكل كويس لأنك ليك فترة ضعفت شديد 
قلت لها هائجا :
- سوسن .. ستين مرة قلت ليك أنا ما شافع ومافي داعي للعناية المركزة بتاعتك دي ، والله إنتي ما فاضل ليك غير تلبسيني بامبرز
عند هذه النقطة أدركت إنني تماديت .. فقد تلألأت الدموع في عينيها لحظة ، ثم تناولت حقيبتها وبدون كلام إنصرفت،بينما بقيت أنا أحدق في ما تبقى من طعامها .. أعرف أن كلامي قد يؤلم ولكن يجب أن تعرف أنها مخطوبة لرجل وليس لإبن أختها .. ستعود غدا وسنتناقش في هذا الموضوع .. ولكن في اليوم لم ترد على مكالمتي .. طلبتها عدة مرات ولكنها تجاهلتني تماما .. سوسن تتجاهل مكالمتي أنا ؟ لم يحدث هذا من قبل أبدا هل الموضوع خطير لهذه الدرجة ؟ .. بدأت أشعر بالصداع فعلا عندما جاء الليل .. فرقدت على سريري واضعا يدي على رأسي وراديو أبي في الحوش مفتوح ومنه ينبعث صوت ساحر يغني .. أين أنت يا سوسن ؟ في مثل هذا الوضع كنت ستتصلين بي وتسألينني عن الصداع فيزول بعد دقائق .. قلت هذا لنفسي ولكن نفسي ردت لي :
- وإنت لما عارف كده في داعي للفارغة الصرفتها دي؟
- أنا ما قاصد والله بس هي بقت تزودها 
- تزودها ؟ دي طبعتها كده وما حتخليها إلا لو إنت خليت المساخة .. تقدر تخلي المساخة ؟
أه الصوت الساحر كان ل(حنان النيل) وهي تصدع .. أشقاك أحب الناس إليك رغم الحنين الطال سنين .. وواصلت نفسي نغمة التعنيف :
- متين هي قصرت معاك في حاجة ؟ هه ؟ إنت إناني يا أحمد .. عندك مليون هواية .. بتحب النت والجرائد والكتب ومتابع أخبار الرياضة والسياسة وبعد ده تحرمها من هوايتها الوحيد ؟ إنت مهتم بالعالم كلو وهي مهتمة بيك إنت بس
حنان لا تزال تغني .. يا قلبي سامح في المحبة .. في الدنيا مافي محبتين .. والقالو ليك عن الفراق .. إن شاء الله يوم ما تشوفو عين ..
أوباما يحكم العالم وميشيل تحكم أوباما .. أنا لدي مليون إهتمام وهي لديها أنا فقط لهتم به .. اللعنة على لساني .. اللعنة عليه .. في المرة التسعين ردت سوسن على المكالمة ببرود :
- أيوا يا أحمد 
- سوسن .. ممكن تقبلي إعتذاري ؟ والله أنا ما قاصد كلامي القلتو ده ، وأنا فعلا أهبل وبستحق أخت بامبرز في خشمي عشان تاني ما يطلع ...
- خلاص خلاص ماف داعي تكمل ياخ .. إنت مافي في مصلطلحاتك غير الكلمة دي ؟
- يعني مسامحاني ؟
- نص نص كده 
واصلت كلامي معها حتى تحولت ال(نص نص) لسماح كامل ، جعلني أغلق الخط مبتسما .. الحمد لله عادت ميشيل لأوباما .. تحسست رأسي مرة أخرة .. غريب !! أين ذهب الصداع ؟

د.حامد موسى بشير